لبنان بحاجة إلى استراتيجية أمن قومي أعلى من الاستراتيجية الدفاعية

مع الحديث المستمر عن المكرمات السعودية وبرنامج الدعم الأميركي المستمر للجيش والتأكيد على الحاجة الملحّة لدعمه عبر تسليحه، تختلف الآراء العسكرية والاستراتيجية حول الحاجات الفعلية للجيش. فما بين التحفظ الأميركي الخفي والمعرفة الفرنسية والإدراك الغربي لما هو الأفضل بنظرهم للبنان، يبقى التركيز على ما يحتاجه الجيش اللبناني الهم الأساسي، بحسب قيادة الجيش اللبناني نفسه، وخبرة ضباطه الاستراتيجيين.
في هذا الإطار، يقول خبير عسكري عن الخطر الذي يشكّله تنظيم داعش من جهة وإسرائيل من جهة أخرى أنّ السياسة هي التي تحدد من هو العدو وعلى أساس ذلك يتم وضع مفاهيم الأمن القومي لكل بلد. فلبنان بحاجة إلى استراتيجية أمن قومي أعلى من الاستراتيجية الدفاعية، والبعد السياسي هو من يحددها ولكن هذا البعد السياسي يفرّق بين الاتجاهات المختلفة التي تقود الدولة.
أما عن أسلوب وضع استراتيجية الأمن القومي فيرى أنّ هذه الاستراتيجية توضع بحسب الوضع السياسي، حيث أنّ استراتيجية الأمن القومي ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية. فالخطر هو إسرائيل أو سوريا للبعض والخطر المستمر الدائم هو العنصر الغريب على الأرض اللبنانية والذي هو مثلاً، بحسب حنا، الفلسطيني الذي قسم الجيش في العام 1975.

وفي الحديث عن وضع الجيش اللبناني الحالي وقدرته على التصدي للإرهاب الذي يتهدد لبنان حالياً، يقول إنّ الثقافة الاستراتيجية تبدأ بمسألة ال كيف How حتى نصل إلى التكتيك، حيث أنّ الجيش قادر بالسلاح الذي يملك أن يقاتل داعش. في الواقع يجب أن يتم تعليم كلّ جندي كيفية التصرّف وكيفية القتال في بعض الظروف في الجامعات العسكرية والمدارس. فحزب الله قاتل إسرائيل مثلاً عبر العبوات الناسفة والصواريخ المضادة للدروع وصواريخ كاتيوشيا عمرها 50 سنة ووحدات خاصة للقيادة والسيطرة تحت الأرض. أما ما حصل في عرسال فقد دفع الجيش إلى استدعاء تعزيزات مدفعية وفوج المغاوير واللواء الثامن والمجوقل. لذا يمكننا تشكيل ما يسمى ب Task Force لظروف معيّنة.
وفي إطار السؤال حول السبب الذي أدى إلى إلحاق هذا الضرر بالجيش جرّاء معركة عرسال يقول أن المعركة كانت مفاجئة والجيش غير مستعد. يجب مقاتلة داعش والنصرة بالطريقة ذاتها التي يقاتلون بها. فمنطقة عرسال لها حساسية خاصة بالمعنى السني، ولها حساسية أخرى من ناحية موقعها الجغرافي في محيط شيعي، ولأنها تبعد 70 كلم عن سوريا. فتنظيم داعش عمل في إطار السيطرة على المناطق في بلاد ما بين النهرين التي يمكن المناورة فيها واعتمد على التخطيط وليس على السلاح فحسب. أمّا وقف القتال فكان قراراً سياسياً حيث أنّه لا يمكن تدمير منطقة فيها سنة و100 ألف سوري نازح.
وحول ما يحتاجه الجيش في معركته للتصدي للإرهاب يشرح أنّ الجيش يحتاج إلى عقيدة ومعرفة وثقافة في القتال اللاتماثلي، أي هو بحاجة إلى تدريب خاص وقوات خاصة مع تجهيزاتها بالإضافة إلى تنظيم. على هذا الأساس يتم العمل وتحدد حاجات الجيش، والمعدات التي ستستخدم لمحاربة داعش ومحاربة إسرائيل، حيث أنّه يجب أن يكون هناك استراتيجية كبرى ووحدات تتجانس مع بعضها وتجهيزات مختلفة. كما أنّه يجب أن تكون هناك رؤية للمخاطر المحتملة حتى 10 سنوات مقبلة.
وفي الحديث عن موضوع زيادة عديد الجيش يقول أنّ عديد حزب الله الذي قاتل في حرب تموز لم يتجاوز 600 أو 700 مقاتل ولكنّ ال كيف How كان ممتازاً، ويعود السبب في ذلك إلى أنّ مقاتلي حزب الله يتمتعون بعقيدة مذهبية واحدة، كما أنّ مركزية القرار واحدة.
وعن سبب عدم توفير تدريس معرفة وثقافة القتال اللاتماثلي Asymmetric هناك ممنوعات وحساسية بالإضافة إلى خلق المعهد الخاص والمتخصص وتوفير الفكر والوعي وتأمين التدريب في الخارج الذي يستغرق 3 سنوات.
أمّا عن الهبة السعودية للجيش اللبناني فيقول إنّ السعودية قدمت هبة بلغت قيمتها ثلاث مليارات دولار وهي أعلى مبلغ يحصل عليه لبنان حيث تمثل 10 أو 15 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، أما التقييدات التي تعترضها فمتعلّقة بظروف محليّة وإقليمية ودولية.
ويوضح أنّ التنويع في مصادر الأسلحة مفيد ومضرّ في الوقت نفسه إذ قد يؤدي إلى إرضاء بعض الدول ومواجهة المشاكل مع دول أخرى. كما أنّ التنويع يطرح مشكلة التوافقية العملانية بين الجنود Interoperability.